* كثيراً ما سألت نفسي: ما فائدة أن أكتب؟ ما فائدة أن أزرع هذه «الغابة» السامقة من أحلامي، ورؤاي، ورحيق عمري.. في عالم لا مكان فيه للكتابة الجادة التي تنقل هموم الناس، وآلامهم، وترسم خرائط من البوح والشجن لوطن جميل ومتعال كحد السيف.
أن تكتب -يا سيدي- فهذا يعني ببساطة أن تخرج من ذاتك، وتتمرد على روح القبيلة فيك، وتتحول إلى إنسان يؤمن بكل نواميس الكون العادلة، وكل مثله العليا.
أعرف أن الحرف لم يعد يملك ذلك الوهج الأسطوري المؤثر في هذا الزمن «الغابي» الذي يسحل فيه الأقوياء عظام الضعفاء، ورفات أحداقهم.. زمن الفجور الأمريكي، وعقلية رعاة البقر ناهيك بزمن المقاتلين الأمميين الذين يجوبون البلدان لينغصوا على الناس عيشتهم وحياتهم تحاول أن تقاوم فتكتب، وتتحول إلى هرم من الهموم الجامحة، شلالاً من الأحلام المثلى، فتحاصرك أنباء الكوارث، و«بلدوزرات» الدمار، وصرخات الأمهات الثكالى في كل مكان؛ تهرب متغرزاً نظراتك المتعبة في صحف الصباح الملونة، فيهب شعر مفرقك نافراً يتراقص بهلع.
تحاول أن توسع خطواتك وتدير «الريموت» إلى الفضائيات الآثمة فتدب في جسدك قشعريرة خبيثة، ويصعد من رئتيك هواء ساخن لا تدري ما كنهه.. وتتساءل: أي عالم هذا الذي نعيشه؟
هل نحن واهمون حقاً حينما نسرق من أعمارنا لحظات نهديها للحلم، والتجلي، والركض في دهاليز الزمن الأحلى؟ هل نحن محقون فعلاً حينما تتطاول أمانينا، ونلقي في حجرات القلب هموم الوطن وأوجاعه، وندعها تبحر في أوردتنا ومساماتنا؟
لكن ما ذنبنا نحن الذين لم نرث من أجدادنا غير «شهوة الكلام» الكلام.. المباح وغير المباح! ما ذنبنا نحن الذين «تقاصرت» أحلامنا فباتت أقصى أمانينا أن نصبح شعراء شعبيين يرسلون «الونات» المزيفة آخر الليل، ويزفونها مع صورهم «المرقشة» للمطبوعات الملونة مع تباشير الفجر الضحوك:
«ويا بنت روحي في طريقك وأنا أروح.. وكلٍ الله يسعده في طريقه!!»
لماذا نكتب -يا سيدي- وأقل الناس دراية بأحوالنا يعرف أننا مجرد «ظواهر صوتية» لا قوة لها ولا تأثير؛ وأن مقاتلاً واحدا يساوي جيشاً من الكتاب والشعراء.. لكن ما عسانا أن نفعل نحن الذين لم نتعلم حرفة مفيدة غير «حرفة الكلام»؛ الكلام في الصحف والإذاعات والفضائيات والأشرطة وعلى المنابر. نحن أمة من «الحكواتية» والصراخ غير المجدي يا سيدي.. شئت أم أبيت. لو سألني أحد: من تفضل «محمود درويش» بشعره اللافت أو مقاتلاً فلسطينياً يحمل روحه على راحته.. لقلت لك دون تردد.. مقاتل فلسطيني واحد، وخذ كل شعراء وكتاب الأرض المحتلة من «سميح القاسم» إلى «محمود درويش»، وسجل أنا عربي: «أنا لا أكره الناس.. ولا أسطو على أحد
ولكني إذا ما جعت آكل لحم مغتصبي!»
أيّ أكل يا صديقي؟ خير لنا أن نأكل حروفنا وننكفئ.. فلا فائدة في الكلام!!
تلفاكس 076221413
أن تكتب -يا سيدي- فهذا يعني ببساطة أن تخرج من ذاتك، وتتمرد على روح القبيلة فيك، وتتحول إلى إنسان يؤمن بكل نواميس الكون العادلة، وكل مثله العليا.
أعرف أن الحرف لم يعد يملك ذلك الوهج الأسطوري المؤثر في هذا الزمن «الغابي» الذي يسحل فيه الأقوياء عظام الضعفاء، ورفات أحداقهم.. زمن الفجور الأمريكي، وعقلية رعاة البقر ناهيك بزمن المقاتلين الأمميين الذين يجوبون البلدان لينغصوا على الناس عيشتهم وحياتهم تحاول أن تقاوم فتكتب، وتتحول إلى هرم من الهموم الجامحة، شلالاً من الأحلام المثلى، فتحاصرك أنباء الكوارث، و«بلدوزرات» الدمار، وصرخات الأمهات الثكالى في كل مكان؛ تهرب متغرزاً نظراتك المتعبة في صحف الصباح الملونة، فيهب شعر مفرقك نافراً يتراقص بهلع.
تحاول أن توسع خطواتك وتدير «الريموت» إلى الفضائيات الآثمة فتدب في جسدك قشعريرة خبيثة، ويصعد من رئتيك هواء ساخن لا تدري ما كنهه.. وتتساءل: أي عالم هذا الذي نعيشه؟
هل نحن واهمون حقاً حينما نسرق من أعمارنا لحظات نهديها للحلم، والتجلي، والركض في دهاليز الزمن الأحلى؟ هل نحن محقون فعلاً حينما تتطاول أمانينا، ونلقي في حجرات القلب هموم الوطن وأوجاعه، وندعها تبحر في أوردتنا ومساماتنا؟
لكن ما ذنبنا نحن الذين لم نرث من أجدادنا غير «شهوة الكلام» الكلام.. المباح وغير المباح! ما ذنبنا نحن الذين «تقاصرت» أحلامنا فباتت أقصى أمانينا أن نصبح شعراء شعبيين يرسلون «الونات» المزيفة آخر الليل، ويزفونها مع صورهم «المرقشة» للمطبوعات الملونة مع تباشير الفجر الضحوك:
«ويا بنت روحي في طريقك وأنا أروح.. وكلٍ الله يسعده في طريقه!!»
لماذا نكتب -يا سيدي- وأقل الناس دراية بأحوالنا يعرف أننا مجرد «ظواهر صوتية» لا قوة لها ولا تأثير؛ وأن مقاتلاً واحدا يساوي جيشاً من الكتاب والشعراء.. لكن ما عسانا أن نفعل نحن الذين لم نتعلم حرفة مفيدة غير «حرفة الكلام»؛ الكلام في الصحف والإذاعات والفضائيات والأشرطة وعلى المنابر. نحن أمة من «الحكواتية» والصراخ غير المجدي يا سيدي.. شئت أم أبيت. لو سألني أحد: من تفضل «محمود درويش» بشعره اللافت أو مقاتلاً فلسطينياً يحمل روحه على راحته.. لقلت لك دون تردد.. مقاتل فلسطيني واحد، وخذ كل شعراء وكتاب الأرض المحتلة من «سميح القاسم» إلى «محمود درويش»، وسجل أنا عربي: «أنا لا أكره الناس.. ولا أسطو على أحد
ولكني إذا ما جعت آكل لحم مغتصبي!»
أيّ أكل يا صديقي؟ خير لنا أن نأكل حروفنا وننكفئ.. فلا فائدة في الكلام!!
تلفاكس 076221413